السادس والستون

2023 . ينـــــــاير 66 الرقابة . العـدد 43 رقابة بيئية وهـي (الخطـأ والضـرر وعلاقـة السـببية) ، فالمضـرور يلجـأ إلـى تلــك القواعــد العامــة مــا لــم يكــن هنــاك تشــريع خــاص يعطيــه هـذا الحـق وفقـا لقواعـد خاصـة، وهـذا مـا نصبـو إليـه في هـذا المقـال بـأن يتـم تطويـع قواعـد هـذه المسـئولية لكـي تتماشـى مـع طبيعـة هـذه الكـوارث. إلا أن حــالات الخطــأ مــن جانــب الدولــة لهــا أشــكال مختلفــة في مجـال الحـوادث والكـوارث العامـة ومنهـا عل ـى سـبيل المث ـال تقاعــس الســلطات المختصــة وجهــات الرصــد عــن الإعــ ن أو التحذيــر بشــكل رســمي عــن حــدوث خطــر محتمــل الوقــوع أو متحقـق الفعـل ومـكان وقوعـه ونوعـه كذل ـك قـد يكـون في عـدم جاهزيــة الجهــات الأمنيــة والصحيــة والإغاثيــة للقيــام بدورهــا الــ زم في مثــل هــذه الحــالات. لـذا فـإن مسـئولية السـلطة العامـة لا يمكـن حصرهـا مسـبقاً في قائمـة محـددة وإنمـا هـي التـي تـدور في فلـك التقصيـر والإهمـال والخطـأ الـذي يشـكل معـه أركان المسـئولية التقليديـة والـذي مـن شـأنه تفاقـم أضـرار الكارثـة أو الحيلولـة دون سـرعة معالجتهـا. لــذا فــإن ركــن الخطــأ لــم يعــد الأســاس الوحيــد في تحديــد مســئولية الدولــة نظــراً لأن عوامــل الطبيعــة غالبــاً مــا تكــون هــي المتســبب الأساســي في حــدوث الضــرر دون توافــر الخطــأ مــن جانــب الدولــة ، ممــا جعــل بعــض الفقهــاء يتجهــون لتبنــي الآراء الفقهيـة التـي تدعـم نظريـة المخاطـر ونظريـة الضمـان في إثبـات مسـئولية الدولـة عـن تلـك الحـوادث وليـس الخطـأ كسـبب رئيسـي في حـدوث الضـرر، وهـو مـا أخـذ بـه القضـاء الفرنسـي بـأن يكتفـي المدعـي بإثبـات الضـرر الـذي أصابـه، بينمـا في مصـر نجـد أن القضـاء الإداري يرفـض التعويـض علـى أسـاس المخاطـر أمــام الأعبــاء العامــة أو التكاليــف العامــة فهــو مــازال يتبنــى نظريــة الخطــأ كأســاس في التعويــض ، إلا أن المشــرع المصــري عمــل علــى إصــدار العديــد مــن القوانــن التــي تتيــح لكثيــر مــن المضروري ـن في الحصـول عل ـى تعوي ـض مـن الدول ـة حت ـى ل ـو ل ـم يكـن هن ـاك خطـأ مـن جانبهـا كقان ـون التعوي ـض عـن الأضـرار والنكبــات العامــة. ويجــب ألا يغيــب عنــا أن هــذه المســئولية بالنهايــة تعتبــر مــن واجبـات الدولـة وفقـا للقانـون الدولـي مـن حيـث إنهـا تعتبـر مـن الإلتزامـات الأدبيـة التـي تقـع علـى عاتقهـا والتـي تجـد أساسـها في القيــم الإنســانية التــي تســود المجتمــع الدولــي بالتزامهــا بتعويــض المضروريــن عــن الكــوارث الطبيعيــة. فوفقــا للضمانــات الدســتورية والدوليــة في تلــك الحــالات ومــن منطلــق حفــظ الكرامــة الإنســانية ورعايــة المصالــح الشــرعية الأساســية فوجــب تفعيــل هــذه المســئولية بضمانــة تشــريعية بحيـث تنقـل الإغاثـة الحكوميـة مـن مرحلـة الإعانـة إلـى مرحلـة الحــق ومــن مرحلــة الإحســان إلــى مرحلــة الإلتــزام، فالأمــر لا يقتضــي وقــوع حــادث معــن حتــى نكتشــف هــذا القصــور التشـريعي، فالتشـريع يتطلـب بعـد نظـر خاصـة في المسـائل التـي تعــد في الأصــل ضمــن الأعبــاء التــي تتكفــل فيهــا الدولــة. إن الخطـر الاسـتثنائي يجـب أن يقابلـه مسـئولية اسـتثنائية وإن الجسـامة المتوقعـة لمثـل هـذه المخاطـر تفـرض نظـم خاصـة بهـا بحيــث يجــب مقابلتهــا بقواعــد تنظيميــة مســتقرة، فمــن خــ ل مـا تقـدم شـرحه نـورد بعـض المقترحـات التـي تسـاهم في تفعيـل ) مــن الدســتور وتســاهم في تقنــن تلــك المســئولية 25 المــادة ( وذل ـك مـن خـ ل الآت ـي: المظلــة التأمينيــة وهــي التأمــن عــن الكــوارث الطبيعيــة، – 1 فالتأمـن يلعـب دوراً هامـاً في المجتمعـات الحديثـة في ظـل تعـدد أنواعــه وصــوره فهــو يقــوم علــى فكــرة تعاونيــة مؤداهــا توزيــع آثــار الكــوارث بمقابــل مبلــغ، فبــ شــك بوليصــة التأمــن عــن الكـوارث الطبيعيـة تعتبـر مـن أعقـد أنـواع التأمـن علـى الإطـ ق ولا يمكــن تبنيهــا إلا بدعــم الحكومــات لهــا. سـن تشـريع خاص بالحوادث والكوارث الطبيعية يتضمن كل -2 مـا يتعلـق بـه جملـةً وتفصيـً والـذي يـوكل بـه لجهـة الاختصـاص لتغطيــة الجوانــب الفنيــة والقانونيــة بحيــث تحقــق هــذه الآليــة الهـدف المرجـو منهـا.

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjk0NA==