2020
. يناير
60
الرقابة . العـدد
40
الإدارية التي تجريها الجهات في المخالفات المالية أنها
، وهو
ً
تثير مشكلات التحقيق الإداري التي ذكرناها سابقا
ما يعني أن الاستعانة بموظفي تلك الجهات لن يؤدي إلى
على عدم إمكانية الاستعانة
ً
مواجهة هذه المشكلات، علاوة
بموظفي النيابة العامة لعدم كفايتهم العددية لتغطية هذه
عن اختلاف التحقيق الجنائي عن التحقيق
ً
المهام، فضلا
في العوامل التي تساهم في الوصول
ً
الإداري خاصة
إلى نتيجة التحقيق واقتراح العقوبة المناسبة للمخالفة
الوظيفية المرتكبة، وهي عوامل ترتبط بالمرفق العام
والمبادئ التي تحكمه وهو ما لا يتحقق بالنسبة للتحقيق
الجنائي لاختلاف المصلحة المعتدى عليها في الجريمة
الجنائية عن تلك المعتدى عليها في المخالفة الوظيفية.
لذلك فإننا لا نؤيد هذا الحل والمتمثل في إنشاء نيابة إدارية
تتولى التحقيق في المخالفات المالية.
الحل الثاني: الإصلاحاتالإدارية والتشريعية:
يتمثل هذا الحل بإدخال بعض الإصلاحات الإدارية والتشريعية
على النظم والقوانين الحالية والعمل على تطويرها لمواجهة
مشكلات التحقيق الإداري في المخالفات المالية.
فبالنسبة للصلاحات الإدارية، فنرى أن يتم إنشاء معهد
يلحق بديوان الخدمة المدنية - على كافة
–
للتدريب العملي
الاختصاصات التي تباشرها الإدارات القانونية وعلى رأسها
التحقيق الإداري، لا سيما فئة حديثي التعيين بحيث تخصص
على
ً
فترة التجربة التي تخضع لها هذه الفئة لتدريبها عمليا
تلك الاختصاصات، وبالتالي يتم تدريبهم على كيفية إجراء
التحقيق وضوابط طرح واختيار الأسئلة، ومواجهة الموظف
بالمخالفات المنسوبة إليه، والالتزام بكافة الشروط الشكلية
والموضوعية للتحقيق الإداري، وفي حال اجتيازهم لهذه
الدورة وتخطي الاختبارات اللازمة لذلك، يتم تثبيتهم في
الوظيفة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يتم ربط نظام ترقية
الموظفين باختبارات تشمل الجوانب النظرية والعملية لكافة
اختصاصات الإدارة القانونية ومنها التحقيق الإداري، بحيث
تجرى لهم هذه الاختبارات عند حلول موعد الترقية وفي
حال نجاحهم في الاختبار تتم ترقيتهم للدرجة الأعلى، ويتم
وضع هذه الاختبارات من ذات الجهة المعنية بمباشرة تدريب
حديثي التعيين وتحاط بسرية تامة لمنع تسريبها.
ويتميز الأخذ بهذه الإصلاحات أنها تتماشى مع مبادئ علم
الإدارة العامة والذي يستهدف بصفة أساسية تنظيم وإدارة
، بالتالي
9
القوى البشرية والمادية لتحقيق الأهداف العامة
فإن النهوض بالمستوى الفني لموظفي الجهة بشكل يحد
من مشكلات التحقيق الإداري سيحقق أهداف علم الإدارة
العامة بحسبان أن الإنسان هو العنصر الأساسي الذي
،
10
تعتمد عليه الإدارة في تحقيق أهدافها بل هو محورها كلها
كما أن هذه الإصلاحات تضمن استمرار حرص الموظفين
لارتباط ذلك بحصولهم
ً
على تطوير قدراتهم الفنية نظرا
على الترقية، والخلاصة أنها تضمن مواجهة كافة المشكلات
الفنية التي تشوب التحقيقات الإدارية في المخالفات المالية.
غير أنه يؤخذ عليها أن نجاحها يعتمد بالدرجة الأولى على جدية
المتدرب ورغبته في التعلم واكتساب المهارات اللازمة لمباشرة
مهام وظيفته، إلا أن ذلك يمكن تجاوزه باستخدام أسلوب الثواب
والعقاب، بحيث تتم مكافأة من يجتاز هذه الدورة إما بتثبيته في
الوظيفة أو بترقيته للدرجة الأعلي بحسب الأحوال، كما يؤخذ على
على درجة كفاءة المدرب
ً
هذه الإصلاحات أن نجاحها يعتمد أيضا
وقدرته على نقل ما يتمتع به من خبرات إلى المتدربين سيما وأننا
إلى صعوبة الاستعانة بموظفي الإدارات القانونية
ً
أشرنا آنفا
في الجهات، ويرد على ذلك أن الإمكانات المطلوبة لتشغيل جهاز
عن تلك المطلوبة لتشغيل معهد
ً
كالنيابة الإدارية تختلف تماما
لتدريب القانونيين خاصة بالنسبة للمكانات العددية، إذ يتطلب
أقل من ذلك المطلوب لتشغيل النيابة الإدارية،
ً
تشغيل المعهد عددا
ومن ثم يمكن اختيار من يشهد له بالكفاءة من كافة الجهات
المعنية، كما يمكن الاستعانة بالكفاءات الخارجية لتدريب الكوادر
الوطنية حتى تتمكن من مباشرة التدريب بنفسها.
أما بالنسبة للصلاحات التشريعية فالغرض منها مواجهة
الحالات التي تمتنع فيها الجهات عن إجراء التحقيق في
المخالفات المالية، وتتمثل هذه الإصلاحات بسلوك طريق
التجريم والعقاب وذلك بتعديل قانون إنشاء ديوان المحاسبة
وإضافة نص يجرم امتناع المختصين في الجهة عن إجراء
التحقيق الإداري في المخالفات المالية، بحيث توقع عليهم
عقوبات جنائية حال ثبوت مسئوليتهم عن هذه الجريمة،
ولا يشترط أن تكون العقوبة هنا هي الحبس إذ يمكن تقرير
عقوبة الغرامة لهذه الجريمة، إلا أن ما يهم هو توقيع عقوبة
العزل من الوظيفة كعقوبة تبعية لعقوبة الغرامة.
دراسات
.
19
. ص
1987
د. سليمان الطماوي. الوجيز في الإدارة العامة. الطبعة السابعة. مطبعة جامعة عين شمس. القاهرة.
.9
.
143
د. محمود عاطف البنا. دراسات في الإدارة العامة. دار النصر للنشر والتوزيع. القاهرة. لم تذكر سنة النشر. ص
.10
